آخر تحديث في : <% book.up_date %>
ديوي : <% book.cat.dewey %>/<% book.ID %>
عدد الصفحات : <% book.pages %> مرات التنزيل : <% book.load_nom %> مرات العرض : <% book.visit_nom%> تحميل ملف Pdf : https://aqeedeh.com/ar/book/download/1775/pdf تحميل ملف Word : https://aqeedeh.com/ar/book/download/1775/doc راسل المدير حول هذا الكتاب
الكلمات المفتاحية لهذا الكتاب
المجلدات الأخرى لهذا الكتاب
اسم الكتاب <% book.name%>
ترجمة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود
نسبه: هو العلامة المبارك الشريف؛ عبد الله بن زيد بن عبد الله بن محمد بن راشد بن إبراهيم بن محمود، يتصل نسبه الكريم بآلِ حامد أمراء سيح الأفلاج، وينتهي نسبهم جميعًا إلى حفيد النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
مولده ونشأته : وُلِد الشيخ رحمه الله في حوطة بني تميم جنوب نجد عام 1329هـ، وقد نشأ في كنف أمه الصالحة؛ حيث مات أبوه ولَمّا يزل صغيرا، فَرَعَتْه، وحاطَتْه بعنايتها، ورأت أن أعظم أسباب الفلاح اتصالُ وليدها بالعلم، فأكثرت من الدعاء الضارع أن يرزق الله تبارك وتعالى ابنَها العلمَ النافع، والعملَ الصالح، والمالَ المباركَ الوفيرَ، والذرية الصالحة، فنشأ الشيخ محفوفًا بهذا الدعاء الذي رأى أثر استجابته لائحا في عمره من بعدُ.
طلب العلم ونبوغه : ومن هنا دَلَف الشيخ إلى حِلَقِ العلم، والتحق بركب العلماء، يلزمهم، ويأخُذُ عنهم، ويهتدي بِسَمْتِهم، ويقبِسُ من علمهم، بهمَّةٍ عالية، ونَهْمَةٍ طموح، وكان ممن تلقى عنهم العلم : سماحة الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، وخاله سماحة الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري (أبو حبيب) رحمه الله.
وكانت للشيخ الشثري بصاحب الترجمة عنايةٌ خاصة ؛ لِمَا رأى عليه من عَلاَئِمِ النُّبُوغِ، ودَلاَلاتِ التوفيق، فتعَهَّده بالتسديد والإرشاد، وأخذَه من يديه ودَلَّه على ما ينفعه في الدنيا والآخرة، وأخذه معه لَمّا سافر إلى (الرين)، وظل يرعاه مدة صحبته له.
ولم تكن هذه نظرةَ خاله وحسب، بل تتابع مشايخه على هذا التقدير المبكر له، حتى إنهم قدموه للصلاة على صغر سنه، وكان قد أتم القرآن حفظا، وعددًا من المتون؛ كمتن الزاد، ونظم ابن عبد القوي، ومتن الآجرومية، وألفية ابن مالك، وبلوغ المرام لابن حجر، وعمدة الحديث للمقدسي وغيرها.
سفره في طلب العلم : سافر الشيخ إلى قطر بعدما ترامى إلى سمعه أخبارٌ متكاثرةٌ عن مدرسة الشيخ ابن مانع، فلازمه أكثر من ثلاث سنوات، وأحبه الشيخ ابن مانع، وأدناه منه، حتى صار من أحب تلاميذه إليه، وكان يقول عنه مُبَيِّنًا مكانتَه في قلبه : "إنه الوحيد من تلاميذي الذي أُفِيده وأستفيدُ منه".
ولما عزم الشيخ ابن مانع رحمه الله على الرحيل إلى مكة، انتقل الشيخ عبد الله إلى الرياض للدراسة على يد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ-مفتي المملكة- رحمه الله، ثم ارتحل من بعدُ إلى مكةَ؛ حيث أخذ العلم عن عدد من علمائها الكبار.
أول أعماله : اشتُهِرَ الشيخ بالعلم، والنبوغ، وسَعَة الاطلاع، والتعصب للدليل، مما هيأه ليتبوأ مكانته في العلم بين أهله العارفين به؛ فَخُصِّصَ له درسٌ في الحرَمِ المكي، يَؤُمُّه طلبة العلم، وزُوّار بيتِ الله الحرام؛ حُجّاجا ومُعْتَمِرين.
انتقاله إلى قطر : في عام 1359هـ عاد الشيخ إلى قطر بصحبة الشيخ عبد الله ابن جاسم؛ حاكم قطر أيامها، بأمرٍ من الملك عبد العزيز رحمه الله.
واستقر هنالك، وباشر القضاء، ولم ينقطع عن التدريس والإفتاء والخطابة، وكان في أثناء ذلك يشرف على إنشاء المساجد والمقابر والأوقاف، ويرعى أموال الأيتام والقاصرين، ويقسم التركات، في عمل متتابع لا ينقطع عن الخير.
طريقته في القضاء : وكانت للشيخ رحمه الله تعالى طريقة في القضاء اشتُهِرَ بها، فمن يومه الأول كان الشيخ رحمه الله يسبق الشمس إلى مجلس القضاء، ويتهيأ للنَّصَفَةِ في حكوماته كُلِّها، حازمًا يتَحَرّى العدل، ويُنصف المظلوم قَدْرَ استطاعته وطاقته، فلا يُحَابِي كبيرا، ولا يُجَامِل قريبا، مما كتبَ له في قلوب الناس وُدًّا باقيا، وذِكْرًا صالحا، وثناءً طَيِّبا.
وأما مكانته عند أُولِي الأمر من الحاكمين فكانتْ متميزةً بالتقدير والعِرفانِ، وكان رحمه الله لا يفتأُ لهم ناصحًا مُذَكِّرًا، ومُرْشِدًا مُسَدِّدًا، يُعِين على الخير ويَدُلّ عليه، ويُحَذّر من الشر ويَنْهَى عنه، مما كان له الأثر الصالح في سلامة البلاد من العقائد الباطلة، والبدع المنكرة.
فتاواه ومؤلفاته : كان للشيخ نظره الخاص، واجتهاده المستقل الذي انبنى على قاعدة وسيعة من الفقه في دين الله، والنظر في الأدلة، والترجيح بين الأقوال، فلم يكن مُقَلِّدًا لغيره، ولا قائلا بالتشهي في رأيه، بل كان مُمَيَّزا في اجتهاداته وفتاويه وكتاباته التي تتابعت ورَبَتْ على الخمسين رسالة، تضمّنتْ خُلاَصَةَ آرائه وفتاواه، مثل :
- رسالة يُسْر الإسلام، التى أبانَ فيها مذهبَه حولَ رَمْيِ الجمرات قبل الزوال وفي الليل.
- ورسالته حول جواز تحويل المقام.
- ورسالة أحكام عقود التأمين.
- وجواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة.
- ورسالة لا مهديّ يُنْتَظَر.
- والحكم الشرعي في إثبات رؤية الهلال.
- والجهاد المشروع وكونه للدفاعِ وليس للطَّلَب.
- وحكم اللحوم المستوردة؛ حيث أباح أكلها بدون حرج.
- وحكم الطلاق؛ حيث لم يعتبر الطلاق البدعي، واعتبر طلاق الثلاث عن واحدة.
- ورسالة :جواز الإحرام من جدة.
وغير ذلك من الرسائل والفتاوى والكتابات التي تنبئ عن سعة علم الشيخ رحمه الله تعالى.
تميزه الفقهي : امتاز فقه الشيخ -كما قلنا آنفا- بالتجديد، والتحرر من التقليد، والميل للتيسير، ورفع الحرج عن الأمة، كما امتاز بالشجاعة الأدبية في طرح ما يعتقده حقًّا، وما يراه صوابا؛ فقد أثارت عليه بعض آرائه حفيظةَ بعض العلماء عند نشرها للوهلة الأولى، وتناولوها بالرد، ومع ذلك فقد رجعوا إلى رأيه بعد ذلك؛ لما تبين لهم صحة ما ذهب إليه.
اهتمامه بالتعليم : كان التعليم لبّ حياة الشيخ، كأنما هو مفطور عليه، فصرف حياته كلها فيه منذ بدء ظهور نجمه إلى أنْ وافَتْه المنية.
فمنذ بداية عمله والشيخ يقوم بالتدريس لعدد من طلبة العلم من قطر، والدول المجاورة، ثم بعد سنوات اقترح على حاكم البلاد تأسيس معهد ديني تُدَرَّس فيه العلوم الشرعية على المنهاج القويم، فوافق حاكم البلاد، وأُنْشِئَ أوَّلُ معهدٍ ديني في قطر، واستمر الشيخ مُشْرِفًا عليه، مُتَابِعًا له، إلى أن تَمّ ضمُّه إلى دائرة المعارف.
مـآثـره : كان الشيخ رحمه الله تعالى صاحب مجلس مفتوح طوال اليوم، يمتلئ بالضيوف والعلماء وذوي الحاجات، ولم يكن رحمه الله يرد طالبًا- شيمةَ الكرامِ الذين تحدّر من نبعتهم - وكانت له هيبةٌ عند الصغير والكبير، مع تواضعه، ولين جانبه، وعطفه على الضعيف والمسكين.
وقد استخدم علاقته مع حكام قطر لصالح الضعفاء والمحتاجين، وكان يتوسع في التوظيف لتوفير رواتب للمستحقين من أهل البلاد، رحمه الله تعالى.
وفاته : كان لا بد في النهاية من نهاية ..! وتَوَقَّفَ مَدُّ الحياة عن الشيخ، وارتحل إلى ربه تبارك وتعالى صباحَ الخميس الثامن والعشرين من رمضان عام 1417 هـ (6/2/1997م) عن عمر ناهز التسعين عامًا، مُلْتَحِقًا بأسلافه الأولين من أهل العلم الذين أضاءوا جَنَبَاتِ الأرض عِلمًا وعملا، بعدما خدموا الإسلامَ بأقلامهم وألسنتهم وأموالهم.
وصُلِّيَ على الشيخ رحمه الله تعالى في مسجد الشيوخ بالدوحة، وتداعَى الناس إلى جنازته، وانحدروا إليها من كل صوب، يتقدمهم جميعا أمير دولة قطر؛ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ودُفِنَ الشيخ في مقبرة مسيمير، وقد أَوْدَعَ في القلوب حسرةً لا تنقضي، وفي العيون دمعةً لا تَرْقَأُ، ولا زال ذِكْرُه مُتَوَهِّجًا على ألسنة الناس وفي ضمائرهم، يذكرونه بالخير ويدعون له بالرحمة، وكان من المُبَشِّرات تلك الرؤى الحسنة التي رُئِيَت له قبلَ وفاته وبعدها.
نسأل الله تعالى أن يرحمه، وأن يُنِير قبره، وأن يرفع درجته في المهديين، جزاءَ ما أبانَ من حقائق دين الله تعالى، ونشره في الآفاق، والذب عنه بالقلم واللسان.. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.